التاريخ: بدأوا في خريف 2010
المكان:كنيسة معهد دون بوسكو الاسكندرية
اليوم في معهد دون بوسكو الإسكندرية ابتدأنا بتهيئة مجموعة من خيرة ابنائنا – الذي عاونوننا سنيناً وسنين في حقل التربية والبشارة – وتأهيلهم سالزيانياً ليعدوا أما الله والكنيسة بأن يقدموا حياتهم لخلاص نفوس الشباب.
فكرة وتصميم فتنفيذ
كتب دون بوسكو سنة 1877 :”يعود تاريخ المعاونين إلى عام1841، عندما ابتدأ جمع الصبيان المشرّدين في مدينة تورينو”. لذلك يتزامن وجود المعاونين مع بداية مشروع الأوراتوريو. أما التأسيس الرسمي فكان على الشكل التالي:
1859: تأسيس جمعية الرهبان السالزيان.
1872: تأسيس جمعية بنات مريم أم المعونة.
1876: تأسيس جمعية المعاونين.
دون بوسكو يجمع عددا من المعاونين السالزيان لمشروع الأوراتوريو (1841-1859).
أ- قناعاته الثلاث:
1- جماهير الشباب تتطلّب عمال عديدين، متنوّعين ومتكاملين.
2- يجب البحث عن هؤلاء في كل الأوساط الكنسية والاجتماعية (رجال دين، علمانيين، رجال ونساء، أغنياء وفقراء).
3- يجب توحيد القِوى والجهود والتعاون الأخوي للتوصّل إلى نتيجة، وذلك بالاتّكال على هيكلية مرنة:” الاتّحاد يُنتج القوة”.
ب- يعاون هؤلاء الأشخاص في حسن سير المراكز الثلاثة الموجودة في تورينو: فالدكو (1844)، بورْتا نوفا (1847)، فانْكيليا (1849).
هناك كهنة يقدّمون خدمتهم الكهنوتية وعلمانيون، أغلبهم من الطبقة الميسورة، يعلّمون التعليم المسيحي، يراقبون الأولاد في الكنيسة وفي الملعب، يعطونهم دروسا مسائية، يساعدونهم مادّيا الخ… وكان دور النساء تهذيب هؤلاء الصبيان الغليظين. ويشدّد دون بوسكو على سخاء معاونيه وتفانيهم وحماسهم وثباتهم. أمّا أُمّ دون بوسكو، ماما مارغريتا، فشاركت مدّة 10سنوات (1846-1856) وساهمت في وضع أسس الروح السالسية والأسلوب الوقائي.
ج- اجتمع هؤلاء الأشخاص حول دون بوسكو في خدمة “مؤسسة الأوراتوريو” في تورينو (1850-1852).
رأى دون بوسكو تدريجيا ضرورة أشخاص يكونون بتصرّفه كاملا، يخرجون من صفوف تلاميذه، غير أنّه لم يتنازل أبدا عن الأشخاص الذين يستطيعون أن يساعدوه بصورة متقطّعة، فسعى إلى تنظيمهم.
- في عام1850 كتب إلى البابا بيوس التاسع، طالبا البركة وبعض الإنعامات الروحية على جمعية القديس فرنسيس السالسي التي هدفها تعليم الدين والتقوى للشباب المشرّدين.
- في17/11/1850 جمع 7 علمانيين من المسيحيين الملتزمين واقترح عليهم فكرة إنشاء “اتحاد روحي مؤقّت”، تحت شفاعة القديس فرنسيس السالسي. هدف هذا الاتحاد تعزيز “جميع أعمال الخير”، ولكن الظروف السياسية الصعبة حالت دون تأسيسه.
- في31/3/1852 عيّنه رئيس أساقفة تورينو “مديرا ومرشدا روحيا” للمراكز الثلاثة الموجودة في المدينة، ومنحه “جميع الصلاحيات الضرورية والمفيدة” للقيام بالعمل الرعوي لدى الشباب، بما في ذلك توحيد جميع معاونيه روحا وعملا.
- يدلّ ذلك على وجود ما يشبه جمعية، تضمّ معاونين ومعاونات، بدون هيكلية واضحة. يبقى دون بوسكو المرجع الوحيد للجميع بقبول توجيهاته الرعوية والروحية والتربوية (مثل تطبيق نظام الأوراتوريو الداخلي). القديس فرنسيس السالسي هو الشفيع وتمارس الرسالة في المراكز المختلفة وبخاصة في مركز فالدكو المتشعّب. ويقابل دون بوسكو خدمتهم بالإنعامات الروحية التي منحها قداسة البابا.
تنظيم المعاونين النهائي باعتبارهم “مشتركين” مع الجمعية السالسية (1874-1876)
أ- إعادة التنظيم القانوني وإعادة كتابة النص3 مرات (1874-1875)
خضع دون بوسكو لتعليمات روما ووضع أسس جمعية تتميّز عن الرهبانية السالسية ولكنها ترتبط بها ارتباطا وثيقا بمثابة “رهبنة ثالثة”، بنظامها الخاص.
ب- الصبغة النهائية، الموافقة البابوية وإعلان النظام (1876)
سافر دون بوسكو إلى روما للمرّة الحادية عشرة ومع طلب إنعامات روحية جديدة من البابا بيوس التاسع لأجل معاونيه، قدّم له الصيغة النهائية للنظام وعنوانه: “المعاونون السالسيون، أي طريقة عملية لتعزيز الأخلاق وإفادة المجتمع”.
أثناء المقابلة مع الحبر الأعظم في 15 نيسان/أبريل، تعجّب البابا من عدم ذكر المعاونات في النظام، (إذ كان دون بوسكو ينوي تأسيس جمعية خاصة راهبات مريم أمّ المعونة)، فلبى القديس ملاحظة البابا وعدّل النص ليشمل الرجال والنساء على حدّ سواء.
-9 أيار/مايو 1876: صدر القرار”Cum sicuti” للموافقة على الجمعية بصيغتها القانونية.
– 21 تموز/يوليو 1876: نشر النظام النهائي. وصدرت بعد أشهر قليلة ترجمته الفرنسية، مما يدل على رغبة دون بوسكو بأن تنتشر الجمعية في كل العالم.
وتجدر الإشارة إلى أن النظام كان يشمل قسيمة يملأها طالبو الانتساب إلى الجمعية فيُعيدونها إلى دون بوسكو مُعربين عن نيّتهم أن يحفظوا النظام، فكان دون بوسكو يُعيدها إليهم بتصريح موقَّع يُفيد بالقبول. غير أن صيغة الالتزام الشخصي الصريح (ما يعادل الوعد) أُهمِلت تدريجيا وبالتالي تغلبّت الكمّية على النوعيّة.
انضمام المعاونين إلى انتشار السالزيان في العالم
- هناك تزامن وتفاعل بين انتشار السالزيان وانتشار المعاونين. استفادت جمعية المعاونين من دينامية الرهبنة الناشئة وتبيّن ذلك في فرنسا وإسبانيا والأرجنتين. يستوطن الرهبان والراهبات في مكان ما أولا، وإذا بمعاونين يقومون، وكأن العائلة تريد أن تثبت وجودها كاملا. وقد تنشأ دعوات معاونين في أماكن لا حضور للسالزيان فيها. وقد صرّح دون بوسكو في سنة1880 :”قد بلغ عدد المعاونين والمعاونات منذ عام 1876 نحو 30 ألف وما يزال عددهم في ازدياد”.
- وصرح في23/5/1884 :” المعاونون والمعاونات هم أدوات الله لنشر مجده ومجد أُمّه القديسة”، لولا المعاونون، لم أقم بشيء”. كان هذا الاختبار منذ1841، وتبيّن هذا الواقع في أماكن كثيرة، ولا سيما في الإرساليات، حيث مهّد المعاونون الطريق للسالزيان ومدّوا لهم يد المساعدة المادية والمعنوية. وتكرّرت هذه الظاهرة في أيامنا، خاصة في أفريقيا.
يضع دون بوسكو معاونيه في خدمة الكنيسة والمجتمع المدني مباشرة (معاونو الكنيسة المحلية)
يتخطّى مشروع المعاونين حدود الرهبانية والعائلية السالسية ليطاول حدود الكنيسة الجامعة ويتجسّد في الكنيسة المحلية.
أ- في نظام 1876
يذكر الفصل الرابع أنواع التعاون في الكنيسة المحلّية وفي المجتمع: التنشيط الليتروجي والروحي، الاعتناء بالدعوات ودعمها، وسائل الإعلام (كما يقال اليوم، مبادرات مختلفة ترمي إلى إنقاذ الشبيبة الخ… وتتميّز الخدمة المباشرة في الأبرشيات والرعايا بالنهج السالزياني.
ب- في سنوات دون بوسكو الأخيرة.
يزيد اهتمام دون بوسكو بأمانة المعاونين لأهداف جمعيتهم، مثل: مساعدة كهنة الرعايا في التعليم المسيحي، إعداد الأطفال للمناولة الأولى، نشر الصحافة المسيحية، الخ…
ومن أهمّ ما قاله في المعاونين قبل وفاته بأقلّ من سنتين، ما يلي:” أُنشِئَت جمعية المعاونين لهزّ عدد كبير من المسيحيين لكي يخرجوا من حالة الفتور الروحي فتنتشر قوة المحبة… ستنتشر الجمعية في جميع البلدان…يد الله تدعمها فيُسهم المعاونون في نشر الروح الكاثوليكية الحقّ…سيدافعون عن الكنيسة، وكلّما انتشر الكفر سيرفع المعاونون مشعل إيمانهم الفعال”.
يعني ذلك أن المعاون، إما أن يحيا في قلب الكنيسة ومن أجلها، وإمّا أن لا يكون معاونًا.
توفّي دون بوسكو في31/1/1888 وكان عدد المعاونين يُقَدَّر بحاوالي80 ألف. وقد وُضِعَ في تابوته رقّ كُتبَ عليه:” يشهد الموقّعون أدناه أن هذا التابوت يحتوي جثمان الكاهن يوحنا بوسكو، مؤسّس جمعية القديس فرنسيس السالسي وبنات مريم أم المعونة والمعاونين والمعاونات السالسيين”.
ماالمطلوب من السالزيان المعاونين اليوم بالنسبة للبشارة الجديدة؟
هناك تداخل بين التربية والتبشير، فالسالزياني (الراهب أو العلماني) هو مدعو لعيش هذا التداخل الجذري بين البشارة الوتربية. وكي يتم هذا التداخل يجب فهم معنى الوجود، أي حاجة الشاب ليجد من يساعده على إيجاد هويته ودعوته. قال دون فيكّي في مؤتمر بولونيا: “الصحراء التربوية تتقدّم” أي هذا الفراغ موجود في كل مكان في المؤسّسات التربوية كالمدارس، في العائلة حيث تغيب صورة الأهل بسبب العمل أو المشاكل، في المجتمع ككل (أماكن تجمعات الشبيبة، كالنوادي مثلاً التي تؤسّس على هدف تجاري)، في وسائل الإعلام والإعلان…
دور السالزياني المعاون
دوره يبدأ في العائلة، ابتداء من عائلته الخاصة ثم الأقارب فعائلات الرعية… نهج دون بوسكو يحتوي على قيم عديدة نساعد على نمو العائلة حتى في العلاقة بين الزوجين والعلاقة بلين الأهل والأولاد.
بالنهاية: ليس المطلوب أن نفعل بل أن نكون معاونين، روحانيتنا ترتكز على الاتحاد بالله والرغبة في المشاركة في بناء ملكوت الله.
حياة المعاون والإنجيل
حياة المعاون هي أصلاً عيش وتطبيق الإنجيل. روحانية مميزة لأنها روحانية المؤسس، لذلك عيش رسالة ودعوة المعاون بصدق وأمانة هو بحد ذاته كافٍ لنقل وإدخال الإنجيل في حياة المعاون وحياة جميع اللذين يلتقيهم. روحانية المعاون تعكس جوهر رسالة الإنجيل: الإنسان محبوب من الله، علينا أن نشهد على ذلك بمساعدة الشبيبة على إدراك هذه الحقيقة من خلال عيش رسالتنا معهم. إضافة إلى ذلك علينا أن نعطي وقتًا للتأمّل الشخصي، للمحاضرات الإنجيلية، للرياضات الروحية، قراءات سالسية…
المعاونون والفراغ الشبابي
إذا أصغينا بعمق وانتباه إلى حديث الشباب، وإذا قرأنا بتمعن تصرفاتهم، ندرك أنهم يبحثون عن شيء ثابت وحقيقي في حياتهم.
هذا البحث، هذه الرغبة في الوصول إلى الحقيقة والسعادة تظهر في ثورتهم على العادات والتقاليد، في مظهرهم (لباس، تسريحة شعر… )، في لجوئهم إلى المخدرات… لكن أيضًا في اندفاعهم لبناء نوع من الحوار مع من يظهر لهم الاهتمام. “في قلب كل شاب وتر يرنّ للخير فمن أولى واجبات المربي أن يكتشف هذا الوتر ويعزف عليه” (د.ب) علينا إذا أن نكتشف هذا الوتر وراء كل تصرّفات وطرق تعبير الشباب لأنهم في العمق يبحثون عن الخير.
مجالات المعاونين
المجالات المفتوحة أمام نشاطات المعاونين: العائلة، المركز (أو الأوراتوريو، المخيمات… )، المدرسة، الرعية، العمل. سبل العمل في هذه المجالات: الالتزام الكامل، الشهادة لروح دون بوسكو، الانفتاح على الآخرين.