وثيقة أسرة الرعاية التربويةCEP
الأسرة التربوية والمساعدون المشاركون في المشروع التربوي ( من دستور السالزيان / البند 47)
مضمون البند 47
نكوّن في مشاريعنا أسرة الرعاية التربوية.
إنها تضمّ في ألفة عائلية شباناً وبالغين، والدين ومربّين يسعون جماعياً إلى عيش تجربة إيمانية قادرة على إيحاء حضور الله وتدبيره وعنايته في قلب المجتمع الإنساني.
في هذه الأسرة، يساهم المساعدون، المشاركون في العمل التربوي، بعطائهم المتميّز من خلال مهاراتهم ونموذج حياتهم.
إننا نرحّب بمشاركتهم ونشجّعها، ونمنحهم فرصة التعمّق في معرفة أسلوب دون بوسكو التربوي، وإدراك وممارسة “نظامه الوقائي” في رعاية النشء. ونساند كلاّ منهم في تنمية روح الإيمان بالله انطلاقاً من عقيدته، ونقترح علي من لديه الاستعداد، مشاركة مكثّفة في رسالة العائلة السالسيّة (كالانضمام مثلا إلى هيئة أصدقاء دون بوسكو).
دون بوسكو حقّق فكرة الأسرة التربوية،منذ أيامه، بضمّ المساعدين حوله وبإشراك الشبان أيضاً، في إطار عابق بالمناخ التربوي. فالأسرة التربوية هي ضرورة يتميّز بها نظامنا، لأنه يتطلب بيئة غنية بالمشاركة وبالعلاقات البنّاءة، ويضمّ الجميع، مربّين وشباناً في خبرة موحّدة وهادفة.
( المرجع : مؤتمر السالزيان العالمي – الدورة 21 )
الأسرة التربوية لا تهتمّ أولا بتحديد أدوار وتخصّصات، لكنها تتميّز بما ينبض فيها من روح ومن مناخ عائلي، وهذا يعني: قدرة اللقاء والحوار، التعاون بإخلاص، العفوية والصدق في التعامل إلى جانب البساطة.
لكن أعظم وأوّل ما نسعى إليه هو الأسرة الإيمانية حيث الإحساس العميق بحضور الله وسيادته التامّة علي حياة الإنسان: فتكون حياتنا نموذجا ًحياً وناطقا لهذه الحقيقة اليقينية، ويكون تعايشنا الجماعي كمؤمنين ميدان تآلف ومشاركة يساعد الشبان علي اكتشاف وتذوّق قيمة الملاقاة بين الإنسان والله، وبين الإنسان وأخيه الإنسان.
ثانيا التحدّيات التي نواجهها كمربّين:
شباب اليوم يواجهون العنف، وبالتالي فهم بدورهم يزرعون العنف، فأمام أعينهم تتوالى المجازر والتصفيات الجسدية وعمليات الإبادة والتدمير، ومشاهد كهذه تعرضها وسائل الإعلام من مختلف أنحاء العالم، وتتغلغل هذه المشاهد في عروقهم وتسيطر علي أحاسيسهم، فتكوّن تحدّياً لمشروع دون بوسكو التربوي المرتكز على المودّة في التعامل. فعلى المربّين في بيت دون بوسكو أن يهتمّوا جدّياً بهذا الخطر الذي يهدّد بقاء العالم واستمرارية أية مسيرة تربوية. وهم يعتبرون في حالة استنفار وتأهّب للمحافظة علي خيارهم الإيماني التربوي الذي هو أساس مدنية المحبة: وبالتالي فهم يحتلّون الخطوط الأمامية حيث الخطر الأكبر، مضحّين ومناضلين دون حساب.
نضيف إلى ظاهرة العنف التحدّيات الأخرى الناجمة عن ظاهرة تفشّي الفساد وكذلك الانحلال الأخلاقي. وعلي هذا الأساس لا يمكن أبداً التخلّي عن إصلاح النشء، والإصلاح بالمودّة كما طلب دون بوسكو، إذ لا أخطر من علاج يُعطَي بشكل خاطئ أو في توقيت غير مناسب . فلكي نقود النشء نحو سلوك أفضل، لا بدّ أن نوجّهه بصبر وطيبة وبأمل في القلب وفي النظرات. لنتعلّم من طيبة الله وصبره نحونا. وبعد اتّخاذ إجراء ما فلننسَ ما حدث ولنسترجع المودّة الأولى. وعندما نكون في حالة انفعال فلنمنتع عن اتّخاذ إجراءات معيّنة حتى لا يعتقد الفتي أننا ننطلق أو نقرّر بدافع نزوة شخصية. ولا ننسي أن الأولاد هم دائماً عرضة لما يمكن أن يسمّي ” بالتقلّبات الطفولية” لكن المربي لا يتنازل أبداً عن الإصلاح، ويبقي التحدّي الأكبر من ناحيته هو الرقابة الذاتية حتى يكون هناك تطابق بين ما يعلّم وما يفعل، وليصبح هو أمام النشء نموذجا مقبولاً ومرجعا صالحا يقاس عليه، وليساهم إلى حدّ كبير في دفع نماذج وقدرات صالحة إلى المجتمع من هؤلاء الأبناء.
ثالثا : عمليا ما هو دور معاهد دون بوسكو وبالتالي دورنا كمربّين ؟
إنّه الدور الذي حدّده المؤسس دون بوسكو، بالسعي نحو الهدف التربوي، أي بصقل وتهذيب وإصلاح شخصية الأبناء، مع التضحية بطاقاتنا وإمكانياتنا وصحّتنا في سبيل ذلك، وبحيث نكون أولا نموذجا صالحا ًأمام أعين الأبناء لنساهم بالتالي في دفع نماذج صالحة تؤثّر إيجابيا في المجتمع، وعندما ينضج الشاب يدرك أن قيماً كالنزاهة والاستقامة والتزام النظام والمنهجية في الحياة والعمل واحترام الآخر وكرامته مهما اختلف عنّي، هي قيم يمكن أن يجسّدها أشخاص حقيقيون من لحم ودم.
إنها مسيرة طويلة جداً وشاقة ومضنية، لكن صاحب المشروع الأوّل والمدبّر والمربي الخفي والأكبر هو الله وحده.
فلنقوَ عزيمتنا بذكر اسمه ولنرفع الدعاء يوميا طالبين منه النور والعون.
هذا ما سعي إليه وعاشه دون بوسكو مع أبنائه في المصلّي الأول وحتى النهاية.
وثيقة عمل هيئة شبيبة دون بوسكو العالميةMGS
( مقتبسة بتصرف عن دون فيكى رئيس السالزيان الثامن )
una specie di Carta Magna del MGS
( ispirazione : Don Juan Vecchi )
1 – نعيش حقبة تاريخية غير عادية، اتخذت طابعا ًمأساويا بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 . اجتاح العنف والصراعات نفوس ألوف من البشر وتجلّت بوضوح عواقب الشرّ الذي عصف في قلب الإنسان. تفاقمت الانقسامات وتضاعفت المواجهات والمواقف المتشددة الناجمة عن العداء والكراهية.
لقد ارتفع صخب التهديدات والعمليات العسكرية حتى لم يبقَ مجال للاهتمام بالعديد من الضحايا العسكرية منها أو المدنية وبين هؤلاء اللاجئون والعائلات والشباب.
الاهتمام الآن منصب على مكافحة الإرهاب ويا للوسائل المستخدمة لذلك! فبدلا من التركيز على البشر أفراداً وشعوباً وعلى آلامهم، وبدلا من تحليل الأحداث للوصول إلى أسبابها المعقدة، هناك تهافت على استخدام السلاح وتقوقع على العصبيات الطائفية، عدا التداخلات المتشعبة الناجمة عن المصالح الاقتصادية وتجارة الأسلحة والصفقات غير المشروعة. فالهدف الاستغلالي يبدو واضحا عبر مسميات السلام والعدل وما شابهما بينما ضربت عرض الحائط القيم الأخلاقية والحضارية.
هام َفي هذا الصدد البحث عن الأسباب التي أنجبت أنواعاً جديدة من البؤس، منها: اللامساواة النــاجمة عن التفرقة العرقية أو الدينية أو الجنسية، وأيضا ًالأشكال الجديدة للاستعمار والتبعية.
2 – باعتباركم حركة شبابية سالسية فى قلب تاريخ البشرية، ثابروا على تقاسم أفراح وآلام وأتعاب وآمال الناس، ثابروا على تحمّل المسئولية لتمنحوا شباب العالم دواعي الأمل وسبل حياة أفضل.
“إن عالمنا يبدأ الألفية الثالثة حافلاً بالتناقضات: هناك ازدهار اقتصادي ثقافي تكنولوجي يمنح قلة من المحظوظين إمكانيات هائلة وهناك ملايين وملايين من البشر ليسوا فقط على هامش التقدّم، لكنهم في ظروف حياتية لا ترقى حتى إلى الحد الأدنى الذي تستوجبه كرامة الإنسان. هل ما زال يجوز في عصرنا هذا أن يموت إنسان من الجوع؟ أن يحُكَم على إنسان بالبقاء أمّيا؟ أن يُحرَم إنسان من العناية الطبّية البدائية؟ أن يقبع إنسان في العراء دون مسكن يأويه؟
بالإضافة إلى تحديات أخرى تواجه الإنسانية منها: اختلال التوازن البيئي، قضايا السلام، هدر حقوق الإنسان الأساسية، احترام حياة أي كائن بشري، الآفاق العلمية الجديدة.
أمام هذه المشاهد الصارخة، لا نستطيع إلاّ تحمّل مسؤولياتنا كمؤمنين أمام الرب والتقاط كل إشارات الاستغاثة التي يرسلها إلينا من خلال البشرية المعذّبة. ( عن يوحنا بولس الثاني).
كمربّين وكشباب لنلبِّ النداء فنكون رقباء الفجر اليقظين لتلقي بوادر التجديد والخير، لحماية قيمةا لحياة، لإنماء الاحترام والإخاء، لاستنكار كل أنواع العنف، لإزالة عوامل الفقر، لتشجيع مساعي السلام، لرفض استغلال اسم الله والدين، لمحاربة أصنام التسلط والمال والتفوق.
لنكن دائما الرقباء اليقظين مع توجيه اهتمام أكبر إلى أوضاع الشباب، وذلك لافتقارهم إلى وسائل الاكتفاء الذاتي اقتصادياً، ولافتقارهم إلى الإرشاد والتوجيه، حتى تنجلي أمام أعينهم آفاق الأمل والمستقبل .
لننمِّ انتماءنا الوطني والتزامنا الاجتماعي، وليكن تواصل بين إيماننا وأعمالنا ولنوطّد انحيازنا إلى الفقراء.
3 -” لنبحر نحو العمق “- هي كلمة السر – لنبحر نحو العمق حيث الأفق الشاسعة لندرك العالم المحيط بنا: الهيئات المدنية والروحية والتربوية، الدول والقارات، الثقافات المختلفة، والأرض بأسرها.
إنكم تتوقون إلى تنمية طاقة روحانية قوامها التآلف: كونوا دائما دعاة محبة ومحبة تربوية، متطلعين إلى من كانوا في الطليعة أمثال دون بوسكو وفرنسيس دى سالس وماريا مازاريللو. سيروا على خطاهم، مستوحين حب الله وعنايته بكل إنسان.
في عصر لا نسمع فيه إلا عن العولمة شقوا سبلاً للمحبة التربوية. عمموا التربية، عمموا الاهتمام بالشباب، عمموا المحبة التربوية ومن خلالها روح الأسرة والثقة المتبادلة والاهتمام بكل إنسان شخصياً والترحيب به بمودة، والتدرج والمرونة في اقتراح الأهداف، ومساندة من يشقى، والتضامن والمشاركة في مختلف مواطن الفقر، وحماية الضعيف، ورعاية المجالات الصحية والدراسية والثقافية. كل هذه ملامح تميز بها مصلّى دون بوسكو الأول، وتلونت بها مواقع من شتى الثقافات بفضل الموهبة التربوية السالسية.
4 -” لنبحر نحو العمق” كي نرى من خلال رحمة الله ورعايته العديد من حالات البؤس التي تحتاج إلى طاقات هائلة من الحب. هذا الحب لا ينبع إلا من قلب الله، به نرى حضور الله وبهاءه في كل أخ أو أخت يجاوراننا، وبه نتغلب على عوائق الأنانية والخطيئة.
“لنبحر نحو العمق” لنتضامن مع كل الفعاليات التربوية المؤثرة في محيطنا عبر خدمة الشباب خاصة الفقراء منهم. “لنبحر نحو العمق”؛ لنبني ونصنع الوفاق عبر الأحداث اليومية: في الأسرة وفى حلقات الصداقة، في مجموعات العمل أو النشاط، في حجرات الدراسة وفي الورش المهنية.
لنتآلف في جماعات ومواقع تربوية مستعدة للترحيب بالآخرين، سريعة التغلب على العراقيل اللغوية والعوائق العرقية، ممهدة لقيام حوار مثمر.
في عصرنا المشحون بالانقسامات ومظاهر الطغيان والعنف شاركوا السعي لجعل الأرض بيتاً يجد فيه كل شاب فرصا لمستقبل أفضل حيث يساهم هو أيضا في تشييد عالم يسوده الإخاء والسلام
الاهتمام بالفتيان وثيقة هيئة أصدقاء دون بوسكوADB
دون بوسكو في ذكراه السنوية ما زال يعيش بيننا في مشروعه التربوي، الفريد بمبادئه وأهدافه وأسلوبه.
ما يهمّ دون بوسكو هو: الفتي – الشاب كإنسان لأنّه من وراء هذا الإنسان يرى الله الذي عهد بهذا الفتي إلي عنايتنا
v ومن هنا، فالإيمان بالله أساس لا غني عنه في هذا المشروع التربوي، ومركزية حضور بالله فينا وصحبتنا له هي سرّ نجاح عملنا التربوي (كانت هذه فكرة دون بوسكو دائما)
v فالعناية الإلهية تصل إلي الفتى بواسطتنا، وتظهر عمليا بالمحبّة والرعاية أو”بالمحبة الرعائية” نحو الفتى، كوقاية له وكمرافقة وكعلاج ؛هذه خلاصة أسلوب دون بوسكو التربوي.
v واللغة إذاً التي يخاطب بها الفتى ويعامل هي لغة العقل الصادرة من القلب والمخاطبة عقل الفتى والتي يجب أن تصل إلي القلب.
وهذا ، نحو كل فتى يطرق بابنا في أي مجال أو قسم من مجالات عملنا التربوي :
” يكفي أن تكون فتياً – شاباً – ( يقول دون بوسكو) لأوليك كل عناية ومحبة “
إن مصدر ومنبع هذه المحبة هو الله وحده – ومصبّ ومصير هذه المحبة هو الله وحده. ليست هناك أية دوافع أو غايات أخرى توجه مشروعنا التربوي
فالسؤال الملحّ والعاجل هو:
في ضوء مشروع دون بوسكو العظيم هذا، ماذا فعلنا حتى الآن، وماذا نفعل الآن بأولاد وشباب هذه البقعة من الأرض: الشرق الأوسط – وهذا الجزء من العالم العربي – وفي هذا البلد: مصر ؟
السؤال ملح وعاجل
لان كل ما حولنا هو في حالة غليان فكريا واجتماعياً واقتصادياً، وبشكل لا يساعد الفتي أو الشاب علي أن يفكّر ويعيش في جو يوحي بالدفء والمحبّة كما ولا يشجّع عليها، لأن الجو المحيط يوجّه إلى الأنانية الفردية أو إلى الأنانية التكتّلية الانعزالية؛ الجو المحيط يوجّه إلى استغلال الفتى والشاب لتنفيذ مخطّطات وأهداف ليس الله مبدأها ولا نهايتها ولا موحيها.
ما المطلوب منا إذا ً ؟؟
أن نؤدّي الرسالة التي ائتمننا الله عليها بأمانة فنحٌيد (أي نبطل مفعول كل ما يمكن أن يؤثّر سلبياً علي الفتى ليستغلّه في اتجاهات مغرضة هٌدامة؛ محبتنا الرعائية هي التي تساعد علي تفتّح قلب وعقل الفتي ليرى الأمور بنظرة إيمانية صافية وصادقة.
والمحبة الرعائية هي التي تساعد ه علي اكتشاف الإنسان – كل إنسان – أخًا له في الله، ورفيقا له علي الطريق إلى الله
هذه المحبة الرعائية يتنفّسها الفتى من خلال أفعالنا وأقوالنا ونيّاتنا المخلصة – عن طريق سلوكنا وعملنا ومواقفنا
في مجالنا التربوي سنستغل، وسأستغل فرصاً مناسبة لمساعدة هؤلاء الأبناء علي أن يعيشوا بصدق الإنسان المؤمن – المنفتح علي الإخوّة الشاملة اللامحدودة، سيان في كلمة الصباح، أو التوجيهات، أو الأدعية، أو في لقاءات ولو مصغّرة (في مجال الصفّ، دون تعطيل الحصص وباتّفاق مسبق مع المدرّسين المعنيين)، لتعويد الصغار والشبان علي التفكير السليم والمواقف الصحيحة، كما نرجو تعاون الجميع في ضبط المواقف والسلوكيات الخاطئة لو صادفناها، وإنارة هؤلاء الأبناء (وخاصة في مجال التربية الدينية).
أن نعتقد أن يدرك الفتى بديهياً هذا الانفتاح الأخوي الشامل علي كل خلائق الله وعباده – هذا أمر غير واقعي وشبه مستحيل؛ إنّه بحاجة ماسة إلى مساعدتنا، ونحن في “الدون بوسكو” مؤهَّلون كل التأهيل لذلك – بعون الله.
* * * * * * * * *